نماذج من إخلاص صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
نماذج من إخلاص صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أحبتي في الله تعالوا بنا لنقف أمام نماذج من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم, أخلصوا لله فرفعهم الله بالإخلاص, ورفعهم الله بالصدق معه.
إخلاص عمر بن الخطاب أكسبه الشهادة
أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه, عمر الخليفة الزاهد الصادق المخلص، الذي يقف على المنبر وفي برده أربع عشرة رقعة, وهو يملك ذهب الأمة وفضتها وكنوزها, ويبقى جائعاً ليطلب الثواب والأجر من الله.
عمر الذي يقول: [[يا ليتني كنت شجرة تعضد! يا ليت أمي لم تلدني! ]].
وإذا كان هذا في سبيل الله, فأنعم وأكرم بمثله من عمر رضي الله عنه وأرضاه!
وقد سأل الله تعالى الشهادة في آخر حجة حجها, فإنه لما حج رفع يديه عند الجمرات، وقال دعاءً حاراً صادقاً فيه، طالباً من الله الشهادة، قال: [[اللهم إنها ضاعت رعيتي, ورق عظمي, ودنا أجلي, فاقبضني إليك غير مفرط ولا مفتون, اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، وموتة في بلد رسولك. فقال الصحابة: يا أمير المؤمنين! إن من يطلب الشهادة يخرج إلى الثغور, قال: هكذا سألت! وأسأل الله أن يلبي لي ما سألت ]].
وعاد إلى المدينة
صادقاً مخلصاً, وعلم الله صدقه وإخلاصه, ففي أول ليلة إذا به يرى في المنام رؤيا مبشرة رأى في منامه كما قال أهل العلم: ديكاً ينقره ثلاث نقرات, فسأل في الصباح أسماء بنت عميس الحثعمية , فقالت: يا أمير المؤمنين! استودع الله في نفسك الذي لا تضيع ودائعه, إنني أرى أنك تقتل بيد رجل من العجم.
فأتى عمر في آخر جمعة يخطب, فما كان إلا البكاء على المنبر, يستودع الناس ويستبرئهم, ويطلب المسامحة والعفو, ويطلب منهم أن يتجاوزوا عما أخطأ, ولم يكن منه إلا الجميل.
وفي صباح يوم السبت يأتي الصدق لأهل الصدق, والإخلاص لأهل الإخلاص؛ لأنه سأل الشهادة مخلصاً منيباً صادقاً مع الله, فيصلي الفجر ويقرأ سورة يوسف, وما أحسن سورة يوسف يا شباب الإسلام! وما أروعها! وما أقواها! يوم تربي في نفس الشبيبة التقوى, يوم تجعل لهم يوسف عليه السلام علماً ومعلماً من معالم الذين ثبتوا على لا إله إلا الله, وأخلصوا للا إله إلا الله, فحفظهم الله في الخفاء بعين رعايته: فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64].
ويركع أمير المؤمنين, وتمتد يد آثمة, ما سجد صاحبها لله سجدة, يد بغيضة ما ركع صاحبها لله ركعة, لتمزق الأديم الطاهر المجاهد العابد الزاهد.
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا
فيهوي في المحراب، وما أحسن الشهادة! وما أحسن الشهيد! وما أحسن البقعة! وما أحسن الصلاة! ويُرفع رضي الله عنه, وجذوة الصدق والإخلاص حية في قلبه, يرفعه الناس على أكتافهم, ودماؤه تسيل على أكتاف الرجال, ويذهب به إلى بيته, فيوضع في البيت, ويوضع تحت رأسه مخدة, فيقول للناس: أزيلوها عن رأسي, وضعوا رأسي على التراب, علّ الله أن يرحمني.
رحمك الله يا أبا حفص .. رحمك الله يا فاروق الإسلام! رحمك الله أيها الصادق المخلص الذي قوى الله به الدين.
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها
يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه
قال: ضعوا خدي على التراب, لعل الله أن يرحمني, فوضعوه على التراب، ودخل أمير المؤمنين سيف الله المنتضى أبو الحسن علي بن أبي طالب , فقال: يا أمير المؤمنين! هنيئاً لك! والله لطالما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {جئت أنا وأبو بكر وعمر ..! ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ..! وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ..! } فأسأل الله أن يحشرك مع صاحبيك, فدمعت عينا عمر , وقال: [[ليتني نجوت كفافاً لا لي ولا عليَّ ]].
هذا وهم المجاهدون الصادقون, فقل لي بالله: ماذا فعلنا للإسلام؟
وقل لي بالله: ما ذا قدمنا للا إله إلا الله؟
وقل لي بالله: ماذا ادخرنا عند الله؟
هل هناك جهاد؟
هل سكبنا دماءنا لرفع لا إله إلا الله؟
هل قطعت رءوسنا من أجل نصرة لا إله إلا الله؟
هل سهرنا نناجي من أنزل لا إله إلا الله؟
نحن برحمة الحي القيوم, ذنوب وخطايا وعيوب ونقص, لكن نسأل الله كما سترنا في الدنيا فلم يفضحنا أن يغفر لنا يوم أن نأتيه مذنبين نادمين في يوم لا ريب فيه.
هذا هو الصدق, وقصة عمر رواها أصحاب الصحيح, ويأتي الصحابة الواحد تلو الآخر, وذاك بعد هذا, ليسجلوا صحفاً من نور, منحوتة في الصدور، من الصدق مع الله الواحد الأحد.
عبد الله بن جحش وسعد بن أبي وقاص يبايعان الله
في معركة أحد الصادقة للصادقين, معركة أحد التي قدمها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قصيدة في جبين الزمن, ونجماً في سماء التاريخ, وقف الصحابة قبل ذاك وهم صفوف, صفوا للمعركة كما صفوا للصلاة.
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز فكبروا في مسمع الروح الأمين فكبرا
وقبل المعركة قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لـعبد الله بن جحش : [[تعال نبايع الله هذا اليوم ]]. إي والله! قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [التوبة:111] لا أصدق من الله, ولا أوفى من الله, ولا أحق بالوفاء من الله, فهل تريدون الثواب من غير الله؟ قال سعد : يا عبد الله تعال نبايع الله هذا اليوم, فانزويا وراء أكمة, فرفع سعد يده وقال: اللهم انصرنا في هذا اليوم, اللهم أعل كلمتك, اللهم أيد دعوتك, فلما انتهى من الكلام.. تقدم عبد الله جحش .. أول أمير في الإسلام، الصابر على الجوع والعطش كما سماه صلى الله عليه وسلم, وهو شاب في السادسة والعشرين, فيا أبناء السادسة والعشرين.. ويا أبناء الثلاثين.. أين المستقبل مع هذا الدين؟
أين الخدمة لهذا الدين؟
أين العيش في رحاب هذا الدين؟
فيتقدم ويرفع يديه لا يريد إلا إرضاء الله والجنة, لا يريد إلا تلك الرياض, ملّ من الدنيا, فارق الأحباب والأوطان, سافر إلى الحي القيوم.. فرفع يديه وقال: اللهم إني أسألك صادقاً مخلصاً هذا اليوم أن تواجه بيني وبين عدو لك من الكفار شديد حرده, قوي بأسه, فيقتلني فيك, فيبقر بطني, ويجدع أنفي, ويفقأ عيني, ويقطع أذني, فألقاك بهذه الصورة, فتقول لي: يا عبد الله لِمَ فُعِل بك هذا؟ فأقول: فيك يا رب! قال سعد بن أبي وقاص : فوالذي نفسي بيده لقد أتيته في آخر المعركة, وإنه لمقتول بين القتلى, مبقور بطنه, مجدوع أنفه, مفقوءة عيناه, مقطوعة أذناه, فقلت: أسأل الله أن يكمل له سؤاله. هذا هو الصدق، ويوم صدقوا مع الله أثابهم الله بالصدق, ولبى لهم ما سألوا.
أعرابي يصدق مع الله
يأتي أعرابي من الصحراء، لكنه يفهم حرارة لا إله إلا الله, ويدرك عمق لا إله إلا الله, فما لنا اليوم نكررها, ولكن ليس لها ذلك الطعم؟ لأننا خالطناها بالمعاصي والمخالفات, وما يناقضها.. {يأتي أعرابي فيقول: يا رسول الله! فيقول صلى الله عليه وسلم: نعم. قال: أبايعك على لا إله إلا الله وأنك رسول الله, فيبايعه صلى الله عليه وسلم, وتأتي الرسول صلى الله عليه وسلم غنائم, فيعطي هذا الأعرابي منها, فيقول: يا رسول الله! ما على هذا بايعتك, قال: على ماذا بايعتني؟ قال: بايعتك على أن يأتيني سهم من عدو كافر, فيقع هنا ويخرج من هنا, فتدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم -لأنه أحس صدق هذا الأعرابي ووضوحه وإخلاصه- فقال له: إن تصدق الله يصدقك. وما أن انتهت المعركة إلا ويأتي سهم طائش, فيقع في لبة هذا الأعرابي ويخرج من قفاه, فيراه صلى الله عليه وسلم مقتولاً, فيمسح التراب من وجهه ويقول: صدقت الله فصدقك الله } إنه الصدق..! إنه الإخلاص..! إنه طلب ما عند الحي القيوم.
إخلاص عبد الله بن عمرو الأنصاري
وإن ننس فلا ننسى قصة عبد الله بن عمرو الأنصاري , الذي أنزل الله فيه وفي إخوانه قوله تبارك وتعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:169-171].
أتى عبد الله بن عمرو فصلَّى صلاة الليل قبل معركة أحد
بليلة, قام فتهجد ورفع يديه يوم أن كان السلف الصالح يتهجدون, ويوم أن كانوا يناجون الله في الثلث الأخير في الساعات الحبيبة القريبة من الحي القيوم, يوم أن يتجلى الله, وينزل نزولاً يليق بجلاله إلى سماء الدنيا, فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داعٍ فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ فقام هذا الصحابي في هذه الساعة ودعا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يوفقه للشهادة، فعلم الله صدقه وإخلاصه, ثم في الصباح قال لابنه جابر : يا بني! إني رأيت في المنام كأني مقتول غداً في المعركة, فعليك بأخواتك، وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. وذهب إلى المعركة، واغتسل وتحنط وتكفن, ووقف في الصف صادقاً منيباً مخلصاً مع الله عز وجل.
وفي آخر المعركة أتى ابنه جابر فإذا أبوه مقطع أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتأتي أخته, فتبكي وتقول: {يا رسول الله! أهو في الجنة فأصبر وأحتسب، أم هو في غير ذلك؟ قال: أهبلت؟ أجننت؟ إنها لجنان كثيرة, وإن عبد الله في الفردوس الأعلى }.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا جابر ! أتدري ماذا فعل الله بأبيك وإخوانه من الشهداء؟ قال: قلت لا أدري يا رسول الله! قال: والذي نفسي بيده لقد كلمهم كفاحاً بلا ترجمان، قال: تمنوا عليّ, قالوا: نتمنى أن تعيدنا إلى الدنيا, فنقتل فيك ثانية. فقال: إني كتبت على نفسي أنهم إليها لا يرجعون فتمنوا. قالوا: نتمنى أن ترضى عنا, فإنا قد رضينا عنك. قال: فإني قد أحللت عليكم رضائي فلا أسخط عليكم أبداً. فجعل الله أرواحهم في حواصل طير خضر, تَرِدُ الجنة, وتشرب من ماء الجنة, وتأكل من ثمار الجنة, وتأوي إلى قناديل معلقة بالسماء أو بالعرش حتى يرث الله الأرض ومن عليها } قال ابن كثير رحمه الله: إسناد هذا الحديث حسن.
فقد صدق رضي الله عنه وأحسن, ولما صدق هؤلاء مع الله وفقهم الله.
أنس بن النضر يجد ريح الجنة
ولا ننسى أنس بن النضر , وإنما نورد هذه النماذج لأنها حياة للقلوب, ومدد للأرواح، ومعالم في طريق اليقين.. يأتي أنس بن النضر رضي الله عنه وأرضاه يوم أحد , فيخترق الصفوف كالسهم ماضياً إلى عاقبته المحمودة، وإلى الشهادة المطلوبة, فيرزقه الله الشهادة, بعد أن قال له سعد بن معاذ : يا أنس بن النضر! أبق على نفسك. قال: إليك عني يا سعد , والله إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ]] فيرزقه الله الشهادة, قال أنس بن مالك :[[والله ما عرفته إلا أخته ببنانه, ولقد رأينا فيه أكثر من سبعين ضربة، ما بين ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ]].
فأين نحن منهم?
اللهم اجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
أحبتي في الله تعالوا بنا لنقف أمام نماذج من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم, أخلصوا لله فرفعهم الله بالإخلاص, ورفعهم الله بالصدق معه.
إخلاص عمر بن الخطاب أكسبه الشهادة
أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه, عمر الخليفة الزاهد الصادق المخلص، الذي يقف على المنبر وفي برده أربع عشرة رقعة, وهو يملك ذهب الأمة وفضتها وكنوزها, ويبقى جائعاً ليطلب الثواب والأجر من الله.
عمر الذي يقول: [[يا ليتني كنت شجرة تعضد! يا ليت أمي لم تلدني! ]].
وإذا كان هذا في سبيل الله, فأنعم وأكرم بمثله من عمر رضي الله عنه وأرضاه!
وقد سأل الله تعالى الشهادة في آخر حجة حجها, فإنه لما حج رفع يديه عند الجمرات، وقال دعاءً حاراً صادقاً فيه، طالباً من الله الشهادة، قال: [[اللهم إنها ضاعت رعيتي, ورق عظمي, ودنا أجلي, فاقبضني إليك غير مفرط ولا مفتون, اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، وموتة في بلد رسولك. فقال الصحابة: يا أمير المؤمنين! إن من يطلب الشهادة يخرج إلى الثغور, قال: هكذا سألت! وأسأل الله أن يلبي لي ما سألت ]].
وعاد إلى المدينة
صادقاً مخلصاً, وعلم الله صدقه وإخلاصه, ففي أول ليلة إذا به يرى في المنام رؤيا مبشرة رأى في منامه كما قال أهل العلم: ديكاً ينقره ثلاث نقرات, فسأل في الصباح أسماء بنت عميس الحثعمية , فقالت: يا أمير المؤمنين! استودع الله في نفسك الذي لا تضيع ودائعه, إنني أرى أنك تقتل بيد رجل من العجم.
فأتى عمر في آخر جمعة يخطب, فما كان إلا البكاء على المنبر, يستودع الناس ويستبرئهم, ويطلب المسامحة والعفو, ويطلب منهم أن يتجاوزوا عما أخطأ, ولم يكن منه إلا الجميل.
وفي صباح يوم السبت يأتي الصدق لأهل الصدق, والإخلاص لأهل الإخلاص؛ لأنه سأل الشهادة مخلصاً منيباً صادقاً مع الله, فيصلي الفجر ويقرأ سورة يوسف, وما أحسن سورة يوسف يا شباب الإسلام! وما أروعها! وما أقواها! يوم تربي في نفس الشبيبة التقوى, يوم تجعل لهم يوسف عليه السلام علماً ومعلماً من معالم الذين ثبتوا على لا إله إلا الله, وأخلصوا للا إله إلا الله, فحفظهم الله في الخفاء بعين رعايته: فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64].
ويركع أمير المؤمنين, وتمتد يد آثمة, ما سجد صاحبها لله سجدة, يد بغيضة ما ركع صاحبها لله ركعة, لتمزق الأديم الطاهر المجاهد العابد الزاهد.
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا
فيهوي في المحراب، وما أحسن الشهادة! وما أحسن الشهيد! وما أحسن البقعة! وما أحسن الصلاة! ويُرفع رضي الله عنه, وجذوة الصدق والإخلاص حية في قلبه, يرفعه الناس على أكتافهم, ودماؤه تسيل على أكتاف الرجال, ويذهب به إلى بيته, فيوضع في البيت, ويوضع تحت رأسه مخدة, فيقول للناس: أزيلوها عن رأسي, وضعوا رأسي على التراب, علّ الله أن يرحمني.
رحمك الله يا أبا حفص .. رحمك الله يا فاروق الإسلام! رحمك الله أيها الصادق المخلص الذي قوى الله به الدين.
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها
يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه
قال: ضعوا خدي على التراب, لعل الله أن يرحمني, فوضعوه على التراب، ودخل أمير المؤمنين سيف الله المنتضى أبو الحسن علي بن أبي طالب , فقال: يا أمير المؤمنين! هنيئاً لك! والله لطالما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {جئت أنا وأبو بكر وعمر ..! ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ..! وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ..! } فأسأل الله أن يحشرك مع صاحبيك, فدمعت عينا عمر , وقال: [[ليتني نجوت كفافاً لا لي ولا عليَّ ]].
هذا وهم المجاهدون الصادقون, فقل لي بالله: ماذا فعلنا للإسلام؟
وقل لي بالله: ما ذا قدمنا للا إله إلا الله؟
وقل لي بالله: ماذا ادخرنا عند الله؟
هل هناك جهاد؟
هل سكبنا دماءنا لرفع لا إله إلا الله؟
هل قطعت رءوسنا من أجل نصرة لا إله إلا الله؟
هل سهرنا نناجي من أنزل لا إله إلا الله؟
نحن برحمة الحي القيوم, ذنوب وخطايا وعيوب ونقص, لكن نسأل الله كما سترنا في الدنيا فلم يفضحنا أن يغفر لنا يوم أن نأتيه مذنبين نادمين في يوم لا ريب فيه.
هذا هو الصدق, وقصة عمر رواها أصحاب الصحيح, ويأتي الصحابة الواحد تلو الآخر, وذاك بعد هذا, ليسجلوا صحفاً من نور, منحوتة في الصدور، من الصدق مع الله الواحد الأحد.
عبد الله بن جحش وسعد بن أبي وقاص يبايعان الله
في معركة أحد الصادقة للصادقين, معركة أحد التي قدمها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قصيدة في جبين الزمن, ونجماً في سماء التاريخ, وقف الصحابة قبل ذاك وهم صفوف, صفوا للمعركة كما صفوا للصلاة.
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز فكبروا في مسمع الروح الأمين فكبرا
وقبل المعركة قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لـعبد الله بن جحش : [[تعال نبايع الله هذا اليوم ]]. إي والله! قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [التوبة:111] لا أصدق من الله, ولا أوفى من الله, ولا أحق بالوفاء من الله, فهل تريدون الثواب من غير الله؟ قال سعد : يا عبد الله تعال نبايع الله هذا اليوم, فانزويا وراء أكمة, فرفع سعد يده وقال: اللهم انصرنا في هذا اليوم, اللهم أعل كلمتك, اللهم أيد دعوتك, فلما انتهى من الكلام.. تقدم عبد الله جحش .. أول أمير في الإسلام، الصابر على الجوع والعطش كما سماه صلى الله عليه وسلم, وهو شاب في السادسة والعشرين, فيا أبناء السادسة والعشرين.. ويا أبناء الثلاثين.. أين المستقبل مع هذا الدين؟
أين الخدمة لهذا الدين؟
أين العيش في رحاب هذا الدين؟
فيتقدم ويرفع يديه لا يريد إلا إرضاء الله والجنة, لا يريد إلا تلك الرياض, ملّ من الدنيا, فارق الأحباب والأوطان, سافر إلى الحي القيوم.. فرفع يديه وقال: اللهم إني أسألك صادقاً مخلصاً هذا اليوم أن تواجه بيني وبين عدو لك من الكفار شديد حرده, قوي بأسه, فيقتلني فيك, فيبقر بطني, ويجدع أنفي, ويفقأ عيني, ويقطع أذني, فألقاك بهذه الصورة, فتقول لي: يا عبد الله لِمَ فُعِل بك هذا؟ فأقول: فيك يا رب! قال سعد بن أبي وقاص : فوالذي نفسي بيده لقد أتيته في آخر المعركة, وإنه لمقتول بين القتلى, مبقور بطنه, مجدوع أنفه, مفقوءة عيناه, مقطوعة أذناه, فقلت: أسأل الله أن يكمل له سؤاله. هذا هو الصدق، ويوم صدقوا مع الله أثابهم الله بالصدق, ولبى لهم ما سألوا.
أعرابي يصدق مع الله
يأتي أعرابي من الصحراء، لكنه يفهم حرارة لا إله إلا الله, ويدرك عمق لا إله إلا الله, فما لنا اليوم نكررها, ولكن ليس لها ذلك الطعم؟ لأننا خالطناها بالمعاصي والمخالفات, وما يناقضها.. {يأتي أعرابي فيقول: يا رسول الله! فيقول صلى الله عليه وسلم: نعم. قال: أبايعك على لا إله إلا الله وأنك رسول الله, فيبايعه صلى الله عليه وسلم, وتأتي الرسول صلى الله عليه وسلم غنائم, فيعطي هذا الأعرابي منها, فيقول: يا رسول الله! ما على هذا بايعتك, قال: على ماذا بايعتني؟ قال: بايعتك على أن يأتيني سهم من عدو كافر, فيقع هنا ويخرج من هنا, فتدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم -لأنه أحس صدق هذا الأعرابي ووضوحه وإخلاصه- فقال له: إن تصدق الله يصدقك. وما أن انتهت المعركة إلا ويأتي سهم طائش, فيقع في لبة هذا الأعرابي ويخرج من قفاه, فيراه صلى الله عليه وسلم مقتولاً, فيمسح التراب من وجهه ويقول: صدقت الله فصدقك الله } إنه الصدق..! إنه الإخلاص..! إنه طلب ما عند الحي القيوم.
إخلاص عبد الله بن عمرو الأنصاري
وإن ننس فلا ننسى قصة عبد الله بن عمرو الأنصاري , الذي أنزل الله فيه وفي إخوانه قوله تبارك وتعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:169-171].
أتى عبد الله بن عمرو فصلَّى صلاة الليل قبل معركة أحد
بليلة, قام فتهجد ورفع يديه يوم أن كان السلف الصالح يتهجدون, ويوم أن كانوا يناجون الله في الثلث الأخير في الساعات الحبيبة القريبة من الحي القيوم, يوم أن يتجلى الله, وينزل نزولاً يليق بجلاله إلى سماء الدنيا, فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داعٍ فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ فقام هذا الصحابي في هذه الساعة ودعا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يوفقه للشهادة، فعلم الله صدقه وإخلاصه, ثم في الصباح قال لابنه جابر : يا بني! إني رأيت في المنام كأني مقتول غداً في المعركة, فعليك بأخواتك، وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. وذهب إلى المعركة، واغتسل وتحنط وتكفن, ووقف في الصف صادقاً منيباً مخلصاً مع الله عز وجل.
وفي آخر المعركة أتى ابنه جابر فإذا أبوه مقطع أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتأتي أخته, فتبكي وتقول: {يا رسول الله! أهو في الجنة فأصبر وأحتسب، أم هو في غير ذلك؟ قال: أهبلت؟ أجننت؟ إنها لجنان كثيرة, وإن عبد الله في الفردوس الأعلى }.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا جابر ! أتدري ماذا فعل الله بأبيك وإخوانه من الشهداء؟ قال: قلت لا أدري يا رسول الله! قال: والذي نفسي بيده لقد كلمهم كفاحاً بلا ترجمان، قال: تمنوا عليّ, قالوا: نتمنى أن تعيدنا إلى الدنيا, فنقتل فيك ثانية. فقال: إني كتبت على نفسي أنهم إليها لا يرجعون فتمنوا. قالوا: نتمنى أن ترضى عنا, فإنا قد رضينا عنك. قال: فإني قد أحللت عليكم رضائي فلا أسخط عليكم أبداً. فجعل الله أرواحهم في حواصل طير خضر, تَرِدُ الجنة, وتشرب من ماء الجنة, وتأكل من ثمار الجنة, وتأوي إلى قناديل معلقة بالسماء أو بالعرش حتى يرث الله الأرض ومن عليها } قال ابن كثير رحمه الله: إسناد هذا الحديث حسن.
فقد صدق رضي الله عنه وأحسن, ولما صدق هؤلاء مع الله وفقهم الله.
أنس بن النضر يجد ريح الجنة
ولا ننسى أنس بن النضر , وإنما نورد هذه النماذج لأنها حياة للقلوب, ومدد للأرواح، ومعالم في طريق اليقين.. يأتي أنس بن النضر رضي الله عنه وأرضاه يوم أحد , فيخترق الصفوف كالسهم ماضياً إلى عاقبته المحمودة، وإلى الشهادة المطلوبة, فيرزقه الله الشهادة, بعد أن قال له سعد بن معاذ : يا أنس بن النضر! أبق على نفسك. قال: إليك عني يا سعد , والله إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ]] فيرزقه الله الشهادة, قال أنس بن مالك :[[والله ما عرفته إلا أخته ببنانه, ولقد رأينا فيه أكثر من سبعين ضربة، ما بين ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ]].
فأين نحن منهم?
اللهم اجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
زهرة الايمان- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 79
نقاط : 5517
تاريخ التسجيل : 02/02/2010
رد: نماذج من إخلاص صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
بسم الله ما شاء الله
نور الله طريقك
بسم الله ما شاء الله
نور الله طريقك
رد: نماذج من إخلاص صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
بارك الله فيك أخي الغالي و زاد من قوة ايمانك يا رب
زهرة الايمان- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 79
نقاط : 5517
تاريخ التسجيل : 02/02/2010
مواضيع مماثلة
» ما حكم صلاة الفاتح على النبي صلى الله عليه وسلم
» وقفات مع حج النبي صلى الله عليه وسلم
» خطورة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم
» اخوان النبي محمد صلى الله عليه وسلم
» بعض الوسائل لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم
» وقفات مع حج النبي صلى الله عليه وسلم
» خطورة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم
» اخوان النبي محمد صلى الله عليه وسلم
» بعض الوسائل لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى